كتاب الماجريات ابراهيم عمر السكران



دعني أكشف لك منذ البدء عن هذه الحالة النبئية التي شهدتها وكانت الدافع الأساسي للتأمل والمقارنة،ثم كتابة هذه الدراسة،ذلك أني كنت أطالع بكل ابتهاج مشهد مجموعات من الشباب كانت منكبة على العالم والدعوة وتستثمر وقتها بجدية وأعاتب نفسي أن ليتني كنت مثلهم،ثم أن كثيرا منهم أقبل على متابعة الأخبار السياسية والنشرات المتتابعة والأحداث اليومية،ثم زاد الاهتمام أيضا فصارت الاجتماعات تدور حول مستجدات الأحداث اليومية،ثم زاد الاهتمام حتى صارت عينه لا ترتفع عن هاتفه الذكي يتابع شبكات التواصل وآخر تطورات الأحداث، وتعليق مختلف الأطياف عليها،حتى أصبح جوهر نشاطه اليومي يلوي بين تتبع الاخبار في مصادرها، ثم متابعة التعليق عليها ومناقشتها.
حسنا ..ما الذي ترتب على هذه الصورة الجديدة؟ ترتب عليها أمران متقابلان،فمن جهة تدهورت الشهية العلمية والدعويه لدى هذه الشريحة،وأصبح يستثقل القراءة الجادة،والبحوث طويلة الأجل ، والصبر على الدروس ومجالس العلم ، بل حتى القراءات الثقافية الحادة أصبح يمل منها، يستملح فقط متابعة الأحداث السياسية والوقائع اليومية والمهاترات الفكرية ومشاغبات القضايا الصغيرة،ثم متابعة التعليق على هذه الأحداث في شبكات
التواصل ،وما موقف كل تيار من هذا الحدث، ورصد ومقارنة ذلك في كل حدث تقريبا .
هذا من جهة ،لكن من جهة أخرى :صرت أرى في هذه الشريحة نمو الوعي بالواقع وتطور لغته السياسية، والواحد منهم لديه مخزون ، واضح من تفاصيل الاحداث يستثمره في البرهنة أثناء مناقشاته .